Translate

الأحد، 7 أغسطس 2022

الغايات الشامخة+أيها الغافل في غيه ! السادر في غفلته

 

المصدر مشكاة 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى واهب المنن. الهادي إلى الطريق السنن. وأصلي وأسلم على النبي الهادي، والصوت الحادي، إلى المحاسن والمراضي، ثم على آله وصحبه الأمجاد، ومن ائتم بهم إلى طرق الرشاد.

وبعد:

أخي المسلم: الكل همه تحصيل لذاته وما تتلذذ به النفس من المحسوسات! ولا يقف الحال بالمخلوق عند حاجته من اللذات بل يتجاوز ذلك إلى الإسراف والتبذير!

أخي: ما أجهل هذا الإنسان بمصالحه وما ينفعه {إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ} [إبراهيم]، {إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} [الأحزاب].

أخي: هذه الحجب هي التي حجبت النفوس عن الغاية التي خلقت من أجلها! فركضت خلف السراب.. وسعت في تباب..

وقليل أخي أولئك الذين يدركون المطالب السامية.. والغايات الشامخة.. أخي ما أبعدنا عن اللذات الحقيقية.. وما أضلنا عن الحياة الهانئة السعيدة!!

أخي في الله: ما أكثر المحبوبات للنفوس.. ولكن أخي أين يقع حب الفاني من حب الباقي؟! أم أين يقع حب المصنوع من حب الصانع؟! أم أين حب الضعيف من القوي؟!

وإلا أخي فردد معي قول الإمام ابن الجوزي: «وكيف لا أحب من أنا به، وبقائي منه، وتدبيري بيده، ورجوعي إليه؟! وكل مستحسن محبوب هو حسَّنه، وعطف النفوس إليه، فذلك الكامل القدرة أحسن من المقدور والعجيب الصنعة أكمل من المصنوع..».

أخي في الله: تلك هي الغاية التي رفع لها المخلصون رؤوسهم.. محبة الله عز وجل.. «وهل المنزلة التي فيها تنافس المتنافسون وإليها شخص العاملون وإلى علمها شمر السابقون، وعليها تفاني المحبون وبروح نسيمها تروَّح العابدون فهي قوت القلوب وغذاء الأرواح وقرة العيون، وهي الحياة التي من حرمها فهو من جملة الأموات، والنور الذي من فقده فهو في بحار الظلمات، والشفاء الذي من عدمه حلت بقلبه جميع الأسقام، واللذة التي من لم يظفر بها فعيشه كله هموم وآلام..» [الإمام ابن القيم].

أخي المسلم: لعل نفسك تشتاق إلى معرفة المحبة وحقيقتها وها أنا ذا أعرفك بحدودها، فكن منها أخي على دراية وعلم.

قال سهل بن عبد الله: هي معانقة الطاعة ومباينة المخالفة.

وقالوا: «الدخول تحت رق المحبوب وعبوديته والحرية من استرقاق ما سواه».

وقالوا: «المحبة سفر القلب في طلب المحبوب ولهج اللسان بذكره على الدوام» قال الإمام ابن القيم: أما سفر القلب في طلب المحبوب فهو الشوق إلى لقائه وأما لهج اللسان بذكره فلا ريب أن من أحب شيئًا أكثر ذكره.

وقالوا: «توحيد المحبوب بخالص الإرادة وصدق الطلب».

وأتحفك أخي بهذه الكلمات الرائقة في تعريف المحبة.. وهو تعريف حكيم أريب.. وناطق مُصيب.. قال: «إذا غرست شجرة المحبة في القلب وسقيت بماء الإخلاص، ومتابعة الحبيب، أثمرت أنواع الثمار وآتت أكلها كل حين بإذن ربها، أصلها ثابت في قرار القلب وفرعها متصل بسدرة المنتهى، لا يزال سعي المحب صاعدًا إلى حبيبه لا يحجبه دونه شيء { إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ}.

أخي المسلم: إن من أعظم الثمار التي تجنيها من شجرة المحبة، أن يحبك الله تعالى.. فآه لها من درجة.. فيا لسعادة نائليها.. ويا لنُجْحَ مقتنصيها.. هنالك حيث الأقدام زلت.. وتعبت في الوصول إليها وكلَّت.. {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [آل عمران]، قال ابن القيم: وهي تسمى آية المحبة.

قال أبو سليمان الداراني: «لما أدعت قلوب محبة الله أنزل الله لها محنة {قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..}.

أخي المسلم: أتدري ما هو صدق محبة الله عز وجل سبحانه؟ فلا تقصرن أخي أن تعيش معي هذه النفحات عسى أن تكون من الأحباء المحبوبين.

أخي ما أسهل الأدعاء.. وما أهون الدعوى بدون بينة.. أخي فإن للمحبة دلالات وعلامات يعرفها الصادقون من أنفسهم.. ويدركها العارفون في أنفاسهم.. فقف معي أخي عند علاماتها.. ولك شيء أخي علامات تقود إليه.. وإن أردت أخي أن تعرف علامات محبة الله تعالى، فها أنا أتحفك بها.

منها: حب لقاء الله تعالى في جنانه العاليات ورضوانه الأكبر.

ومنها: أن يحب ما أحب الله تعالى، أما رأيت أخي كيف ارتفعت درجة المتحابين في الله إذ أن الله يحب أولياءه، ومن أحبهم فقد أحب الله تعالى، قال r: «قال الله عز وجل: المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون والشهداء» [رواه الترمذي].

ومنها: أن لا تعصيه تعالى في أمره ونهيه.

تعصي الإله وأنتَ تزعُمُ حبَّه

 

 

 

 

هذا لعمري في القياس شنَيعُ

لو كان حبُّكَ صادقًا لأطعمتَه

 

 

 

 

إنَّ المحبَّ لمن يحبُّ مُطيعُ






ومنها: حبه لكلامه تعالى وتلاوته والأنس بمناجاته وذكره.. قيل لعامر بن عبد قيس: أما تسهو في صلاتك؟ قال: أو حديث أحب إلي من القرآن حتى أشتغل به؟! وكان مسلم بن يسار لا يلتفت في صلاته، حتى انهدمت ناحية من نواحي المسجد فزع لها أهل السوق فما التفت.

ومنها: ما ذكر الله تعالى في قوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [المائدة].

أخي المسلم: قف معي على هذه الربوع الزاهرة من كلام النبي الطاهر r لتدرك عظمة المحبة وجزاء المحبين، قال رسول الله r: «إن الله تعالى قال: من عادى لي وليًا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضته عليه وما زال عبدي يتقرب إلي بالنواقل حتى أحبه، فإذا أحببته فكنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن نفس المؤمن يكره الموت وأنا أكره مساءته» [رواه البخاري].

«وقد قيل إنه أشرف حديث روى في ذكر الأولياء» [الإمام ابن رجب].

أخي في الله: «فمن أحبه الله رزقه محبته وطاعته والاشتغال بذكره وخدمته فأوجب له ذلك القرب منه والزلفى لديه والحظوة عنده...» [الإمام ابن رجب].

أخي: وهذه بشارة أخرى أسوقها لك.. لتعلم منزلة المحبين.. ومقام المخلصين.. قال النبي r: «إذا أحب الله العبد نادى جبريل إن الله يحب فلانًا فأحبه فيحبه جبريل فينادي جبريل في أهل السماء إن الله يحب فلانًا فأحبوه فيحبه أهل السماء ثم يوضع له القبول في أهل الأرض» [رواه البخاري ومسلم].

أخي المسلم: ما أعظم جزاء المحبين.. وما أعلى مقام العارفين.. وما أسعدهم بذكر رب العالمين.. ورسول وحيه الأمين.. وملائكته المقربين. فأكرم بصاحب هذا المقام.. وأنعم به أي إنعام.. فآااه ثم آااه من غفلة النُّوَّامْ!!

أخي: «من فاته الله فلو حصلت له الجنة بحذافيرها لكان مغبونًا فكيف إذا لم يحصل له إلا نزر يسير حقير من دار كلها لا تعدل جناح بعوضة»!

من فاته أن يراك يومًا

 

فكل أوقاته فَواتُ

وحيثما كنت من بلاد

 

فلي إلى وجهك التفاتُ

[الإمام ابن رجب]

أخي في الله: هم أحباء الله «أجابوا منادى الشوق إذ نادى بهم حيَّ على الفلاح، وبذلوا نفوسهم في طلب الوصول إلى محبوبهم كان بذلهم بالرضى والسماح، وواصلوا إليه المسير بالإدلاج والغدو والرواح، تالله لقد حمدوا عند الوصول سراهم، وشكروا مولاهم على ما أعطاهم، وإنما يحمد القوم السرى عند الصباح» [الإمام ابن القيم].

أخي: محبة الله طاعته واتباع نبيه r، فهي أنس العابدين.. ولذة العاكفين.. وسناء المنيبين.. وشَهدْ الذاكرين.. امتثلوا أوامر المحبوب.. وذلت رقابهم لواهب الموهوب..

قال الإمام ابن الجوزي: «تأملت قوله تعالى: {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} فإذا النفس تأبى إثبات محبة للخالق توجب قلقًا وقالت: محبته طاعته».

«ولما كثر المدعون للمحبة طولبوا بإقامة البينة على صحة الدعوة فلو يعطى الناس بدعواهم لادعى الخَلىُّ حُرْقة الشَّجى فتنوع المدعون في الشهود فقيل: لا تقبل هذه الدعوة إلا ببينة { قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ..} فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الحبيب في أفعاله وأقواله وأخلاقه..» [الإمام ابن القيم].

أخي المسلمن: لعلك تطمح لمعرفة طريق القوم.. وكيف نالوا هذا المقام.. فقد آتت أخي الساعة التي تعلم فيها السبيل الموصل إلى دار المحبوبين.. وجنة العارفين.. وها أنا أخي أهدي إليك عشرة أنجم زاهرات تدلك على طريق القوم.

أخي المسلم: من الأسباب الجالبة للمحبة:

أولها: قراءة القرآن بالتدبر والتفهم لمعانيه.

ثانيها: التقرب إلى الله بالنوافل بعد الفرائض، فإنها توصل إلى درجة المحبوبية بعد المحبة.

ثالثها: دوام ذكره تعالى على كل حال باللسان والقلب والعمل والحال.

رابعها: إيثار محابه على محابك عند غلبة الهوى.

خامسها: مطالعة القلب لأسمائه وصفاته ومشاهدتها ومعرفتها وتقلبه في رياض هذه المعرفة، فمن عرف الله تعالى بأسمائه وصفاته وأفعاله أحبه لا محالة.

سادسها: مشاهدة بره وإحسانه وآلائه ونعمه الباطنة والظاهرة فإنها داعية إلى محبته.

سابعها: وهو من أعجبها، انكسار القلب بكليته بين يدي الله تعالى.

ثامنها: الخلوة به في وقت النزول الإلهي لمناجاته، وتلاوة كلامه، والوقوف بين يديه بأدب العبودية، ثم ختم ذلك بالاستغفار والتوبة.

تاسعها: مجالسة المحبين الصادقين، والتقاط أطايب ثمرات كلامهم كما ينتقى أطايب الثمر.

عاشرها: مباعدة كل سبب يحول بين القلب وبين الله عز وجل [الإمام ابن القيم].

أخي في الله: هذه العشر أسباب هي قائدك إلى باب المحبة.. فاجعل منها أخي زمامًا يقودك إلى الطريق الصحيح في محبة الله تعالى.. حيث وقفت أخي المحبون.. واصطفَّ الصالحون.. فما أنفسها من صحبه.. وما أحلاها من رفقه..

أخي: هل سمعت بلذة المحبين؟.. أم هل سألت العارفين؟

قال فتح الموصلى: «المحب لا يجد مع حب الله عز وجل للدنيا لذة ولا يغفل عن ذكر الله طرفة».

وقال محمد بن النضر الحارثي: «ما يكاد يمل القربة إلى الله تعالى محب لله عز وجل وما يكاد يسأم من ذلك».

وقال بعضهم: «المحب لله طائر القلب كثير الذكر متسبب إلى رضوانه بكل سبيل يقدر عليها من الوسائل والنوافل دوبًا دوبًا وشوقًا شوقًا».

 

أخي في الله: «فإذا رجع كمال النعيم في الآخرة وكمال اللذة إلى العلم والحب فمن كان بالله وأسمائه وصفاته ودينه أعرف كان له أحب وكانت لذته بالوصول إليه ومجاورته والنظر إلى وجهه وسماع كلامه أتم وكل لذة ونعيم وسرور وبهجة بالإضافة إلى ذلك كقطرة في بحر. فكيف يؤثر من له عقل لذة ضعيفة قصيرة مشوبة بالآلام على لذة عظيمة دائمة أبد الآباد» [الإمام ابن القيم].

أخي: اسمع معي إلى قول النبي r وهو يخبرنا عن هذه اللذة التي يجدها الصادقون.. قال r: «ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الإيمان، أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر كما يكره أن يقذف في النار» [رواه البخاري ومسلم].

قال الشيخ أبو محمد بن أبي حمزة: «إنما عبر بالحلاوة لأن الله شبه الإيمان بالشجرة في قوله تعالى: {مَثَلًا كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} فالكلمة هي كلمة الإخلاص والشجرة أصل الإيمان وأغصانها اتباع الأمر واجتناب النهي، وورقها ما يهتم به المؤمن من الخير وثمرها عمل الطاعات وحلاوة الثمر جني الثمرة، وغاية كماله تناهي نضج الثمرة وبه تظهر حلاوتها» [الإمام ابن حجر].

أخي: «هذا حديث عظيم وأصل من أصول الدين، ومعنى حلاوة الإيمان استلذاذ الطاعات وتحمل المشاق في الدين وإيثار ذلك على أعراض الدنيا ومحبة العبد لله تحصل بفعل طاعته وترك مخالفته..» [الإمام النووي].

أخي المسلم: ما أسعد المحبين بمحبوبهم.. وما ألذ عيش الطالبين بمطلوبهم.. نهارهم شموسه المعرفة.. وليلهم أقماره المحبة.. لزموا باب محبوبهم ففازوا بالدرجات.. وزهدوا في الخلق فنالوا الكرامات.. هم القوم لا يشقى جليسهم.. والركب لا يضل رفيقهم..

كان ذو النون رحمه الله يردد بالليل كثيرًا هذه الأبيات:

اطلبُوا لأنفسكُم

 

مثل ما وَجَدتُّ أنَا

قَد وَجَدتُّ سكنًا

 

ليسَ في هَواهُ عَنَا

إنْ بَعَدتُّ قَرَّبَني

 

أو قَرُبْتُ منْهُ دَنَا

أخي: «إذا استغنى الناس بالدنيا فاستغن أنت بالله وإذا فرحوا بالدنيا فافرح أنت بالله وإذا أنسوا بأحبابهم فاجعل أنسك بالله وإذا تعرفوا إلى ملوكهم وكبرائهم وتقربوا إليهم لينالوا بهم العزة والرفعة فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العز والرفعة» [الإمام ابن القيم].

أنشد بعض السلف:

وُكنْ لربِّكَ ذَا حبٍّ لتَخْدمَه

 

إنَّ المحبينَ للأحباب خُدَّامُ

أخي المسلم: أين أنت من أولئك المحظوظين.. الممدوحين من رب العالمين.. فما أهناهم بذاك من بشارة.. وأزينهم بها من شاره..

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} [التوبة: 4، 7].

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ} [الحجرات: 9، الممتحنة: 9].

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البقرة].

{إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُمْ بُنْيَانٌ مَرْصُوصٌ} [الصف].{وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ} [آل عمران].

أخي في الله: أولئك المحظوظون المحفوظون من كيد الشيطان لا سبيل له إليهم «قال تعالى حكاية عن عدوه إبليس أنه قال: {فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ}. قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} وقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ * إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ}.

وقال في حق الصديق يوسف r: {كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاءَ إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ} [الإمام ابن القيم].

أخي في الله: ما أحصن حصن المحبين.. حراسة ملائكة غلاظ شداد.. مددهم وعونهم من ملك الملوك، فلا غرابة أن ينصرف المحبون بقلوبهم عن الدنيا وأهلها.

أخي: وأي غرابة في ذلك وهم الفائزون بالغاية القصوى.. والأمنية العظمى.. ليلهم نهار.. ونهارهم ضياء..

قيل لبعض العارفين: أنا لنوسوس في صلاتنا. قال: بأي شيء بالجنة أو الحور العين والقيامة؟ قالوا: لا بل بالدنيا. فقال: «لأن تختلف في الأسنة أحب إلى من ذلك!».

فانظر أخي لنفسك فإنك لن تجد كنزًا أغلى من محبة مولاك سبحانه وتعالى..

وعند الصبح أخي يحمد القوم السُّرى،=

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله تعالى قضى بالموت على الخلائق أجمعين. ومازَ العصاة من الطائعين. والصلاة والسلام على الرحمة للعالمين. وعلى آله وأصحابه البهاليل الميامين.

وبعـد:

أيها الغافل في غيه! السادر في غفلته!

أين غاب العقل عن طرق الصواب؟! أم أين غاب من خطر المصاب؟!

وأظنك أيها المسكين ستفيق إذا نبهك الواعظ الذي لا يكذب.. والزائر الذي لا يعرف اللعب!

كأن المنايا قد قصدن إليكَ

 

 

 

 

يردنك فانظر ما لهن لديكَ

سيأتيك يوم لست فيه بمكرم

 

 

 

 

بأكثر من حثْيِ التراب عليكَ






الموت! منبه الغافلين.. وموقظ الراقدين!

الموت! زائر بلا ميعاد.. وداخل لا ينتظر الزاد!

* أيها المذنب! ماذا أعددت له؟!

يا من أسكرتك لذة الشهوات.. وغرك زخرف الدنيا الكاذب! ماذا أعددت ليوم الرحيل؟!

{كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ} [آل عمران: 185].

يا من نسي غصص الموت.. وغفل عن مرارة كأسه!

يا من شغله عن مرائره لذة عاجلة.. وشهوة فانية!

أما علمت – أيها المسكين – أنك في دار لا يقر ساكنها.. ولا يدوم سرور قاطنها؟!

كانت لساكنين قبلك.. فورثتهم.. وستتركها إلى من يرثك!

قال عمر بن عبد العزيز: «ألا ترون أنكم في الدنيا في أسلاب الهالكين، وسيسلبها بعدكم الباقون، حتى يرث ذلك الخير الوارثون»!

قال بعض الحكماء: «من أخطأته سهام المنايا؛ قيدته الليالي والسنون»!

أيها المذنب! الموت ساكن قريب.. وسهم مصيب!

سريع الحلول.. صادق النزول!

لا يميز بين صغير وكبير.. أو وزير أو خفير!

بينما حسان t جالس وفي حجره صبيٌ له يطعمه الزبد والعسل؛ إذ شرق الصبي بهما، فمات فقال:

اعمل وأنت صحيح مطلق مَرِحٌ

 

 

 

 

ما دمتَ يا مغرورُ في مهلِ

يرجو الحياة صحيحٌ ربما كمنتْ

 

 

 

 

له المنية بين الزبد والعسلِ






* أيها المذنب! لا نعيم مع الموت!

يا من التمست اللذة في الحرام! ويا من سلكت سبيل الشيطان.. وعصيت أمر الرحمن!

إلى كم ستعمر في الدنيا؟!

إلى كم سيصفو لك العيش؟!

أتظن أنك ستخلد في دنياك؟!

أما سمعت برحيل الراحلين؟!

إنك في غرور.. وفي غي طويل؛ إن وقفت بك الشهوات عن المصير الحاسم!

الموت من ورائك أيها المسكين! والقبر أمامك!

حقًا! لقد أبت الدنيا إلا كدرًا.. وعناء لأهلها!

قال مطرف: «إن هذا الموت قد أفسد على أهل النعيم نعيمهم، فالتمسوا نعيمًا لا موت فيه»!

وقال الحسن البصري: «فضح الموت الدنيا، فلم يترك لذي لب فرحًا»!

وقيل لأعرابي: مات فلان أصح ما كان! فقال: أو صحيح من كان الموت في عنقه؟!

* أيها المذنب! هل تذكرت الموت؟!

الموت! أقلق قلوب الخائفين؛ وأذهب نضرة عيش المتقين!

فهل تذكرته يا راكب الذنب؟! ومتى يتذكر الموت من غفل قلبه عن الطاعات؟!

فيا ويل المقصرين إذا حلت سكرات الموت! وتحشرجت النفوس في الصدور!

فكم من حسرات! ولكن ولات حين مندم!

{إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: 30، 31].

قال رسول الله r: «أكثروا ذكر هازم اللذات».

[رواه الترمذي والنسائي وابن ماجة/ صحيح النسائي للألباني: 1823]

قال الدقاق: «من أكثر من ذكر الموت أكرم بثلاثة أشياء: تعجيل التوبة، وقناعة القلب، ونشاط العبادة، ومن نسي الموت عوقب بثلاثة أشياء: تسويف التوبة، وترك الرضا بالكفاف، والتكاسل في العبادة».

وقال هرم بن حيان لأويس القرني: أوصني. قال: «توسد الموت إذا نمت، واجعله نصب عينيك إذا قمت»!

أيها المذنب! يا من شغلتك الذنوب عن تذكر الموت.. فإن أهل الطاعات في تذكر دائم للموت.. جعلوه علمًا أمام أعينهم؛ إذا أصبحوا نظروا إليه فتذكروه! وإذا أمسوا نظروا إليه فتذكروه! وإذا قاموا نظروا إليه فتذكروه! وإذا قعدوا نظروا إليه فتذكروه!

* قال أبو أسامة: «كان الثوري إذا جلسنا معه؛ إنما نسمع منه: الموت! الموت»!

* وكان محمد بن واسع يمر على رباع إخوانه بعد موتهم، فيناديهم: «أيا فلان! أيا فلان!» ثم يرجع إلى نفسه، فيقول: «ماتوا والله وبادوا، إن نعلاً فقدت أختها؛ لسريعة اللحاق بصاحبتها»!

* وكان الربيع بن خثيم يقول: «لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة واحدة لفسد»!

* وقال إبراهيم التيمي: «شيئان قطعا عني لذة الدنيا: ذكر الموت، والوقوف بين يدي الله عز وجل»!

* وقال أبو بكر بن عياش: «وكان داود الطائي ماؤه في دن مقير في الصيف والشتاء! فقيل له: لو بردت الماء! فقال: إذا شربت الماء البارد في هذا الحر الشديد، فمتى أحب الموت»؟!

وعن ثابت البناني، قال: «كنت أطوف بالبيت ليلاً، فإذا أنا بجارية، وهي تقول: اللهم اعصمني حتى لا أعصيك، وارزقني حتى لا أسأل غيرك. قلت لها: ممن سمعت هذا؟ قالت: من أبي طاوس. فقلت لها: هل لك في زوج؟! فقالت: والله لو كنت ثابتًا ما فعلت! قال: فقلت: فأنا ثابت! فقالت: يا ثابت، أما كان في ذكر الموت ما يشغلك عن النساء؟! وكبرت وجعلت تصلي»!

فأفق أيها الغافل! وتذكر يوم الرحيل.. يوم رحيلك الأكبر!

وما أشد خسرانك إذا حجبك سوء الذنوب عن تذكر يومك الأخير من الدنيا!

وكم نائمٍ نام في غبطةٍٍ

 

 

 

 

أتته المنيةُ في نومتِهْ

وكم من مقيم على لذةٍ

 

 

 

 

دهته الحوادثُ في لذتِهْ

وكل جديد على ظهرها

 

 

 

 

سيأتي الزمان على جدتِهْ






* أيها المذنب! أما لك في الجنائز عظة؟!

يا مشغولاً بالذنوب! وغافلاً مع الشهوات! أما رأيت موت الخلائق؟! أما وعظتك جنائز الراحلين؟!

كم في ذلك من عظة لصاحب القلب السليم! وكم في ذلك من عبرة لصاحب العقل النافع!

فعظ نفسك أيها الغافل برحيل من سبقك! وازجرها عن غيها بعظة الموت!

سمع أبو الدرداء رجلاً يقول في جنازة: من هذا؟ قال: «أنت! وإن كرهت فأنا»!

وقال حاتم الأصم: «اتباع الجنائز فضيلة، والصلاة عليها سنة، ومداواة القلب بها فريضة»!

فكم لك – أيها المذنب – في الراحلين من عظة! ومن اتعظ بغيره؛ فهو العاقل حقًا! ولا أغفل ممن رأى غيره في طريق الهلكات.. ثم لم يزجره ذلك عن غيه!

توفيت أم قاضي بلخ، فقال له حاتم الأصم: «إن كانت وفاتها عظة لك؛ فعظم الله أجرك على موت أمك، وإن لم تتعظ  بها؛ فعظم الله أجرك على موت قلبك»!

ودخل الحسن البصري على مريض يعوده، فوجده في سكرات الموت فنظر إلى كربه وشدة ما نزل به، فرجع إلى أهله بغير اللون الذي خرج به من عندهم!

فقالوا له: الطعام يرحمك الله! فقال: يا أهلاه! عليكم بطعامكم وشرابكم، فوالله لقد رأيت مصرعًا لا أزال أعمل له حتى ألقاه!

* أيها المذنب! تذكر شدة الموت!

يا عاكفًا على لذات الدنيا.. ولاهيًا بلهوها.. أما سمعت عن الموت ومرارته؟! أما سمعت عن شدة سكراته.. وفظاعة ساعاته؟!

فيا لله! ما أشد سكرات الموت! وما أفظع لحظاته!

وها هو نبينا r يصف لك تلك الغمرات والسكرات – وهو r يومها في مرضه الذي توفي فيه – وفي ذلك عظة لكل عاقل!

عن عائشة رضي الله عنها قالت: رأيت رسول الله r وهو بالموت، وعنده قدح فيه ماء، وهو يدخل يده في القدح، ثم يسمح وجهه بالماء، ثم يقول: «اللهم أعني على غمرات الموت، وسكرات الموت»!                       [رواه الترمذي]

نظر الحسن البصري إلى رجل يجود بنفسه، فقال: «إن امرءًا هذا آخره؛ لجدير أن يزهد في أوله، وإن امرءًا هذا أوله؛ لجدير أن يخاف آخره»!

وتذكر – أيها المسكين – أن الموت له ما بعده.. وما بعده أفظع منه!!

فتأمل في حالك – أيها الغافل – فلا ترحلن من الدنيا وقد أثقلت كاهلك بالخطايا!

يا باكيَ الميتِ على قبرِهِ

 

 

 

 

امضِ ودَعْهُ فستنساهُ

من عاين الموتَ فذاك الذي

 

 

 

 

لم ترَ مثلَ الموتِ عيناهُ

كم من شقيق لم تجدْ

 

 

 

 

غير أن غمَّضَ منْ يهوي وسجَّاهُ

وكم محبٍ لحبيبٍ إذا

 

 

 

 

سوَّى عليه اللحدَ خلاَّهُ






سمع الحسن البصري امرأة تبكي خلف جنازة، وتقول: يا أبتاه مثل يومك لم أره! فقال لها: بل أبوك مثل يومه لم يره!

فحري بك – أيها المذنب – أن يطول جزعك.. قبل أن تطول حسرتك.. يوم أن تأتيك رسل ربك.. وأنت في سكرات الموت مأخوذ!

قال الثوري: «إذا عاين المريض الموت؛ ذهبت المعرفة بينه وبين أهله»!

قيل لحبيب الفارسي في مرضه الذي مات فيه: ما هذا الجزع الذي ما كنا نعرفه منك؟! فقال: «سفري بعيد بلا زاد، وينزل بي في حفرة من الأرض موحشة بلا مؤنس، وأقدم على ملك جبار، قد قدم إلي العذر»!

* أيها المذنب! هل استعددت للموت؟!

الذنوب شاغل عن الطاعات.. وطريق إلى الهلكات!

وإذا أدمن المذنب الذنوب؛ كان ذلك صارفًا له عن الاستعداد للموت.. بل حتى عن تذكره!

وقد علمت – أيها المذنب – قرب الموت.. وسرعة نزوله.. فماذا أعددت لسكراته؟!

عن السدي في قوله تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا} [الملك: 2] قال: أي: أيكم للموت ذكرًا، وأحسن له استعدادًا، وأشد منه خوفًا، فاحذروا»!

أيها المذنب! إنما جعلت أيام الدنيا؛ لتعمروها بالطاعات.. وتؤدي فيها عبادة الله تعالى على أحسن الوجوه.. فكم قبيح أن تضيع منها شيئًا في غير طاعة الله تعالى.. فتلهو.. وتعبث.. ويطول حبل الغفلة؛ حتى تنزل السكرات.. وتحل الحسرات!

تزودْ من الدنيا بزادٍ من التُّقى

 

 

 

 

فكلٌ بها ضيفٌ وشيكٌ رحيلُهُ

وخذ للمنايا لا أبا لك عدةً

 

 

 

 

فإن المنايا من أتتْ لا تُقيلُهُ






 

خطب عمر بن عبد العزيز، فقال: «كم من عامر موثق عما قليل يخرب! وكم من مقيم مغتبط عما قليل يظعن! فأحسنوا رحمكم الله منها الرحلة بأحسن ما بحضرتكم من النقلة، بينما ابن آدم في الدنيا ينافس فيها قرير العين قانع؛ إذ دعاه الله بقدره، ورماه بيوم حتفه، فسلبه آثاره ودنياه، وصير لقوم آخرين مصانعه ومغناه، إن الدنيا لا تسر بقدر ما تضر، تسر قليلاً، وتحزن طويلاً»!

فتهيأ – أيها المسكين – وبادر أجلك.. فإن أنفاسك معدودة.. وأيامك محسوبة!

ولا يشغلنك عاجل الدنيا عن الدار الباقية.. ولا تنسيك لذة عاجلة؛ أليم عذاب الله.. وشدة عقابه!

فبادر.. ثم بادر!

عن بعضهم قال: دخلنا على أبي بكر النهشلي وهو في الموت، وهو يومئ برأسه – يرفعه ويضعه – كأنه يصلي! فقال له بعض أصحابه: في مثل هذه الحال رحمك الله؟! قال: إنني أبادر طيَّ الصحيفة!

* أيها المذنب! احذر التسويف!

التسويف! أهلك المذنبين.. وأوبق المقصرين!

لا تزال النفس متطلعة إلى الإمهال؛ فتقول: سوف أتوب! سوف أتوب! حتى يفجأ الموت بكأسه.. وينزل بكسراته!

فاحذر – أيها المذنب – مصرع الغافلين.. وخاتمة المسوفين!

واحذر أن تكون فيمن يقول: {أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ} [الزمر: 56].

قال علي بن أبي طالب t: «فاتقى عبد ربه؛ نصح نفسه، قدم توبته، غلب شهوته، فإن أجله مستور عنه، وأمله خادع له، والشيطان موكل به، يزين له المعصية ليركبها، ويمنيه التوبة ليسوفها، حتى تهجم منيته عليه أغفل ما يكون عنها»!

وقال دواد الطائي: «يا ابن آدم! فرحت ببلوغ أملك، وإنما بلغته بانقضاء مدة أجلك، ثم سوفت بعملك يومًا بعد يوم، حتى تأتيك منيتك كأن منفعته لغيرك»!

أيها المذنب! بادر إلى الطاعات.. قبل حلول المنايا.. ونزول الرزايا! وإياك والتسويف.. فإنه بئس المطية!

وإن من لم يدر موعد حلول أجله؛ لحري به أن يأخذ للأمر أهبته.. ويحتاط لنفسه من سوء الخاتمة!

ما أنزلَ الموتَ حقَّ منزلتِهِ

 

 

 

 

من عدَّ يومًا لم يأتِ منْ أجْلِهِ






أيها المذنب! اعتبر بالماضين.. وتذكر عاقبة المسوفين.. وتذكر الموت وكرباته.. واحذر أن يبغتك الموت وأنت لاهٍ بالشهوات.. غافل عن البيات!

فتطول يومها الحسرات.. وتتضاعف الكربات!

والحمد لله تعالى.. والصلاة والسلام على النبي وآله والأصحاب..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

اندكس

تاريخ الفلسفة اليونانية (1936)/تصدير كتاب الدليل الصادق علي وجود الخالق وبطلان مذهب الف ... الفلسفة الإسلامية فلسفة العلوم الدليل...